"تأصيل و تقعيد لمدلول كلمة التوحيد لا إله إلا الله "
|معنى كلمة التوحيد "لا إله إلا الله" وفقهها الواجب|
إن دلالة ومعنى كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) لابد فيها من العلم الجازم ، واليقين القاطع، بأنه لا إله إلا هو = معبوداً وحَكماً و مطاعاً و ولياً و سيداً ورباً مدبراً ، و أن ما دونه هو الباطل يقيناً جازماً لا شك فيه.
فالشهادة لا تكون عن شك، أو عن غالب ظن ، بل تكون عن يقين قاطع و علمٍ جازم.
فهذا هو القدر الذي يحقق به المرء شهادة التوحيد "لا إله إلا الله" عن يقينٍ و إخلاص وقبول وعلمٍ وانقيادٍ ومحبةٍ وصدقٍ .
فالشهادة هي الإقرار، والإلتزام و المداومة و اللزوم.
فقول المرء أشهدُ أي أقر وأقطع بعلم ويقين وصدقٍ أنه لا إله إلا الله معبوداً و أن ما دونه هو الباطل.
قال سبحانه : ﴿ ذَ ٰلِك بِأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡحَقُّ وَأَنَّ مَا یَدۡعُونَ مِن دُونِهِۦ هوَ ٱلۡبـٰطِلُ وَأَنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلۡعَلِیُّ ٱلۡكَبِیرُ ﴾[الحج : ٦٢].
فشرط تحقيق الشهادة وقبولها هو العلم واليقين والصدق، والثلاثة من شروط كلمة التوحيد"لا إله إلا الله" المجمع عليهم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
«والشهادة لابد فيها من علم الشاهد و صدقه و بيانه لا يحصل مقصود الشهادة إلا بهذه الأمور ».
قال تعالى :﴿ فَٱعلَمۡ أَنَّهُۥ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا ٱللَّه وَٱسۡتَغفِرۡ لِذَنۢبِكَ وَلِلۡمُؤۡمِنِینَ وَٱلۡمؤۡمنَـٰتِۗ وَٱللَّهُ یَعۡلَمُ مُتَقَلَّبَكُمۡ وَمَثۡوَىٰكُمۡ ﴾[محمد : ١٩] ، قال تعالى :﴿ إِلَّا مَن شَهِدَ بِٱلۡحَقِّ وهمۡ یَعۡلَمُونَ ﴾[الزخرف : ٨٦] ، وقال تعالى :﴿ شَهِد ٱللّه أَنَّهُۥ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ وَٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ وَأُو۟لُوا۟ ٱلۡعِلۡمِ قَاۤىِٕمَۢا بِٱلۡقِسۡطِۚ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡعَزِیزُ ٱلۡحَكِیمُ ﴾[آل عمران : ١٨]
فمن شهد بوحدانية الله هم أولو العلم ، الذين أقروا باليقين والصدق بأنه "لا إله إلا الله"
وهذه الشهادة يجب على العبد تحقيقها و ليس في الإثبات وحسب، بل وفي النفي كذلك ، فتشهد بعلم و يقين في النفي أنه (لا إله) ، وهذا يقتضي منك الشهادة على متعلقات النفي والبراءة وهي الثلاثة :
١- أن تشهد بعلم جازمٍ ويقين قاطع بنفي و كفر كل الآلهة الباطلة ، الطواغيت الطاغية و الأربارب و الأنداد.
٢- أن تشهد بعلم جازمٍ ويقين قاطع بكفر من عبدها ، أو تحاكما إليها أو أطاعها أو نصب الولاء لها
٣- أن تشهد بعلم جازمٍ ويقين قاطع بنفي الشرك والبراءة منه و من أهله ومعاداتهم و تكفيرهم وهذه البراءة هي الواجبة و هي الملة الحنيفية و الأسوة الحسنة .
و تتمثل قوله سبحانه وتعالى :﴿ قَد كَانَت لكم أُسۡوَةٌ حسنةࣱ فِیۤ إِبۡرَ ٰهِیمَ وَٱلَّذِینَ مَعَهُۥۤ إِذۡ قَالُوا۟ لِقَوۡمِهِمۡ إِنَّا بُرَءَ ٰۤ ؤُا۟ مِنكُمۡ وَمِمّا تَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ كَفَرۡنَا بِكُمۡ وبَدَا بَیننا وَبَیۡنَكُمُ ٱلۡعَدَ ٰوَةُ وَٱلۡبَغضَاۤءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤۡمِنُوا۟ بِٱللَّهِ وَحۡدَهُۥۤ إِلَّا قَوۡلَ إِبۡرَ ٰهِیمَ لِأَبِیهِ لَأَسۡتَغۡفِرَنَّ لَكَ وَمَاۤ أَمۡلِكُ لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن شَیۡءࣲۖ رَّبَّنَا عَلَیۡكَ تَوَكلۡنَا وَإِلَیكَ أَنَبۡنَا وَإِلَیۡكَ ٱلۡمَصِیرُ ﴾[الممتحنة : ٤].
وبمثله في الإثبات (إلا الله) تشهد بعلم ويقين ، وبهذا تكون محققا للتوحيد وصح دينك الذي بني على شهادة الإخلاص وكلمة التوحيد
. فقد شهدت بكفر الطاغوت يقينا عالماً بأنه وقع في الطغيان ونازع الله في خصائصه ، وهذا لا يكون إلا في حق المعلوم ، و شهدتَ بالوحدانية لله سبحانه وتعالى بكل ما يختص به بإفراده في العبادة و الحكم و التشريع و الطاعة و الولاية و ما يستحقه.
فكلمة التوحيد "لا إله إلا الله تتضمن الكفر بالطاغوت في شقها=الأول «لا إله»، والإيمان بالله في شقها الثاني «إلا الله»، قال تعالى : ﴿ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنُ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسكَ بِالْعُرْوةِ الْوثْقَى لَا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾[البقرة : ٢٥٦].
• قال الإمام سعيد بن جبير و الإمام الضحاك عليهما رحمة الله : العروة الوثقى : لا إله إلا الله
وجاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهَ وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللهِ حَرُمَ مَالُهُ وَدَمُهُ وَحِسَابُهُ عَلَى اللهِ » رواه مسلم.
• فالكفر بالطاغوت أصلٌ في الإيمان بالله وحده و إفراده بما يستحق في ألوهيته و ربوبيته و أسمائه وصفاته.
ولذلك لا يصح إيمان عبدٍ إلا بالكفر بالطاغوت = الكفر بما يعبد من دون الله = الكفر بدين الطاغوت و عبادة الطاغوت و تكفير عابديه و أهلهِ و البراءة منهم و يقتضي ذلك أمور و هي :
١-الكفر بالطاغوت = المعبود الباطل و البراءة منه
٢- تكفير عابديه = أتباع الطاغوت والبراءة منهم
٣- الكفر بعبادة الطاغوت = العبادة الباطلة = دين الطاغوت و البراءة منه.